غير أن صقلية البحرية، القريبة من جنوبي إيطاليا، المتصلة مع بلاد الإسلام بصلات ثقافية واجتماعية، قد أثرت هذه النواحي منها في الأدب تأثيراً واضحا. وخضوعاً لهذه المظاهر التي نجملها باسم الموقع نجد للشعر الصقلي ثلاث سمات بارزة:
(أ) السمة الحربية: وهي أول الصفات التي نشأت من موقع الجزيرة وقيام حياتها على الجهاد، لقربها ممن جنوبي إيطاليا واضطلاع أمرائها بالجهاد في ذلك الاتجاه، وقد وجدنا هذه السمة الحربية موضوعاً في الشعر فهنا تصور مناظر القتال وحياة الأمير المجاهد، ومن هنا يستمد ابن حمديس موضوعات البطولة التي يسبغها على بني قومه أو بعبارة أخرى الفخر بالقوة الحربية والفتك بالروم. ومن هنا تسربت إلى الشعر الصقلي أيضاً معاني القتال وتشبيهاته في موضوعات كالغزل ووصف الخمر وغيرها. فقد تسمع يصف الخمر بأنها تفتك بالهموم أو بأنها تغير عليها، وتسمعه إذا وصف روضة شيه الأشجار بالجنود والأغصان بالرماح، وعند استقصاء هذه الناحية في الشعر يتبين أنها ليست مجرد صور تقليدية يأخذها الشاعر من غيره فقد تكون كذلك ولكن لا ريب في أن للحقيقة المستمدة من البيئة أثرها تصور الشاعر وتصويره.
(ب) السمة البحرية: ففي هذا الشعر الصقلي ما يمكن، أن نسميه شعر البحر - فيه وصف المعارك البحرية والسفن المقاتلة وغير المقاتلة وخاصة في أشعار ابن حمديس، وفيه تصوير عام لانقضاء السيادة الإسلامية في البحر