للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحكم موقعها القريب من إفريقية وعلاقاتها بها أنها جزء من إفريقية، وكان استقلالها في المذهب قد أخذ يباعد قليلا بينها وبين الشرق حتى إن أحد الصقليين حين هاجر إلى العراق م يستطع أن يشهر بالفقه لأنه وجد الناس قد انصرفوا عن مذهب مالك، ولا بعلم الكلام لأنه لم يكن قادراً على أن يسبق العراقيين في هذا المضمار فحول اهتمامه إلى اللغة العربية (١) . وهذا الشعور بالمغربية يتجلى في تحميل الشعر مدح مالك ومذهبه، وفي استيلاء جزئية على مخيلة الشاعر هي القول بالشمس التي تطلع من المغرب وخاصة في الغزل كما في قول أحدهم:

أهذه الشمس التي قلتمُ ... تطلعُ للناس من المغرب وقول الآخر:

أيأسني التوبةَ من حبه ... طلوعه شمساً من المغرب وسافر أحد شعراء المغرب إلى المشرق ثم عاد فكتب إلى ابن حمديس فأجابه هذا بقصيدة (٢) يقول له فيها إنه طلع على مصر فقالوا هذا هلال طالع من المغارب، وفي مصر نيل ولكن في المغرب البحر والمحيط:

طلعتُ على مصر ونورك ساطعٌ ... فقالوا هلال طالعٌ من مغاربهْ

وفي المغرب البحرُ المحيط وقد علا ... على نيل مصر منه مد غواربه وبهذا الموقع كانت صقلية أيضاً حصناً يدافع عن بلاد الإسلام، فهي التي تتلقى الضربة الأولى دائماً، أي هي ثغر على الحدود بين عدوين أحدهما في الشمال والثاني في الجنوب. وبهذا الشعور تنظق أشعار ابن حمديس في حديثه عن الثغر وبني الثغر وفي مثل قوله:

صقلية كاد الزمان بلادها ... وكانت على أهل الزمان محارسا


(١) انظر Gentenario ١/ ٣٨٠ في ترجمة المازري المعروف بالذكي.
(٢) القصيدة رقم ٢٦.

<<  <   >  >>