للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" لو أنه أحب الله والكنيسة لما كان له إلا أشباه قليلون! " وقد أصبحت شخصيته في عهد مبكر موضوعاً للأساطير وصوره الدينيون عدوا للمسيحية، حتى جعله يصلي اللظى في الجحيم مع ملحدي الأبيقوريين، وهو في القصص الشعبي الألماني يشبه " المهدي المنتظر " متلبث في الكهوف بين الجبال يرقب اليوم الموعود ليرجع فيعيد الإمبراطورية ويخلص المظلوم. وقد كانت الثقافة الإسلامية ذات أثر فعال في حياته وتتحدث المصادر العربية أن الذي رباه وهو صغير قاضي صقلية وتصفه هذه المصادر بأنه كان فاضلا محباً للحكمة والمنطق والطب (١) .

في بلاط ملوك النورمان، وفي بلاط فردريك الثاني وابنه منفريد كان الشعراء المسلمون ينشدون قصائدهم إلى جانب شعراء اليونان واللاتين. وليست لدينا الشواهد التي تظهر مقدار الصلة بين هؤلاء الشعراء ولكن كل الذي نعرفه أن مدرسة صقلية تنظم الشعر باللغة الدارجة تكونت في بلاط غليالم الثاني، وبلغت ذروتها حول فردريك، الذي كان عارفاً باللسان اللاتيني واللغات الدارجة في


(١) انظر ابن سعيد في القسم الرابع من مجموعة الشعر الصقلي. والمكتبة الصقلية ص٤١٩،٥١١ ويقول فيه المقريزي " وكان هذا الملك عالماً متجراً في علم الهندسة والحساب والرياضيات. وبعث إلى الملك الكامل بعده مسائل في الهندسة والحكمة والرياضة وعرضها على الشيخ علم الدين الحنفي المعروف بتعاسيف وغيره فكتب جواباً: (المكتبة ص ٥٢٢) وكان يوجه إلى علماء المسلمين أسئلة منها المسائل الصقليات التي أجاب عنها ابن سبعين وفيها أسئلة عن قدم العالم وعن العلم الإلهي والمقولات والنفس؟ إلخ وفي بلاطه احتشد كثير من العلماء، ومنهم سكوت وترجم له عن العربية كتباً في التنجيم وكتاباً لابن سينا ومنهم تودور المنجم الأناضولي الذي ترجم له شرح المنطق لابن رشد والمحبسطي لبطليموس وكان لديه أيضاً مسلمون عارفون بالبيزرة. وقد أتم ابنه منفريد العمل في هذا الاتجاه وزاره ابن وصل صاحب مفرج الكروب رسولا من الظاهر بيبرس واجتمع به مراراً ووصفه بالتميز بالعلوم العقلية وأنه كان يحفظ عشر مقالات من كتاب اقليدس وصنف له الأنبرورية في المنطق. وكانت مكتبته تضم كتباً فلسفية ورياضية باللغتين العربية واليونانية (انظر في الحياة العقلية أيام فردريك وابنه صفحات كثيرة في المكتبة الصقلية وكذلك الفصل الثاني عشر من كتاب Haskins؛ Med. Science وتاريخ أماري ٣/ ٧١١ وما بعدها وكذلك عند Huillard - Breholles ولم يجد جديد يضاف إلى ما كتب عن الحياة العلمية في بلاط فردريك بعد هؤلاء الباحثين.

<<  <   >  >>