قال: فاسق سخي، قال: كيف ذلك؟ قال: لأني لا أرجو أن يقبل الله عبادته لبخله، ولا آمن من أن يطلع الله على العبد الفاسق فيرى بعض سخائه فينجيه ويرحمه.
[باب ذم الجود]
قال بعض الحكماء: من جاد بماله جاد بنفسه، لأنه جاد بما لا قوام له إلا به، وكان أبو الأسود الدؤلي يقول: لا تجاودوا الله فإنه أجود وأمجد، ولو شاء أن يوسّع على خلقه حتى لا يكون فيهم محتاج لفعل. وكان يقول: لوجدنا على المساكين بإعطائهم ما يسألوننا لكنا أسوأ حالا منهم. وكان علي بن الجهم «١» يقول: من وهب المال في عمله فهو أحمق، ومن وهبه بعد العزل فهو مجنون، ومن وهبه من جوائز سلطانه أو ميراث لم يتعب فيه فهو مخذول، ومن وهبه من كسب وما استعاده بحيلة فهو المطبوع على قلبه.
وقال محمد بن الجهم «٢» : أتركوا الجود للملوك، فإنه لا يليق إلا بهم، ولا يصلح إلا لهم ومن عارضهم في ذلك وافتقر وافتضح فلا يلومن إلا نفسه. وكان ابن المقفع يقول: إن مالك لا يعم الناس فاخصص به ذوي الحق. ومن أحسن ما قيل في تحسين البخل قول