قال بعض الفلاسفة «١» : أمهات لذات الدنيا أربع: لذة الطعام، ولذة الشراب، ولذة النكاح، ولذة السماع؛ فاللذات الثلاث لا وصول إلى كل منها إلا بحركة وتعب ومشقة ونصب ولها مضار إذا استكثر منها، وأما لذة السماع، قلّت أو كثرت، صافية من التعب، خالصة من النصب، خالية من الوصب. وقد نظم ذلك من قال:
وجدت رئيسة اللذا ... ت أربعة متى تحسب
فمنها لذة المنكح ... والمطعم والمشرب
وتبقى بعدها أخرى ... من الصوت الذي يطرب
وهذي تفيد النفس إبهاجا ولا تنصب «٢» وما من لذة من تلك إلا وهي قد تتعب قال مؤلف الكتاب: ومن خصائص السماع أنه لا يحجزه ولا يحجبه شيء وأن الجمع بينه وبين كل عمل ممكن، وأن الإبل والخيل تستطيبه وترقص عليه، والصبيان الرضع تستلذه وتسكن إليه، والوحوش والطيور تسكن إلى فائقه وتعرج عليه «٣» .