كان يقال: ما الإنسان لولا اللّسان إلا صورة ممثّلة، أو ضالة، أو بهيمة مرسلة.
وقال بعض الحكماء: المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إن نطق نطق ببيان، وإن قاتل قاتل بجنان. وقال الجاحظ: اللسان أداة يظهر به البيان، وشاهد يعبر عن الضمير، وحاكم يفصل بين الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع تدرك به الحاجة، وواصف تعرف به الأشياء، وواعظ ينهي عن القبيح، ومبشر ترد به الأحزان، ومعتذر تذهب به الأضغان، ومله يونق الأسماع، وزارع يحرث المودة، وحاصد يستأصل العداوة، وشاكر يستوجب المزيد، ومؤنس يسلي الوحشة. ويقال: المرء مخبوء تحت طي لسانه، لا تحت طيلسانه.
وقال بعض العلماء البلغاء: للسان فضائل معدومة في الجوارح، ودرجته عالية على درجاتها، لما خصه الله به من النطق والبيان وأنطقه بالذكر والقرآن، وأنشد «١» :
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللّحم والدّم
فكائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التّكلّم