وقال الله تعالى حكاية عن شأن الكفار: الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ
«٢» : فدل على عزته وعظم قدره.
وقال أبو زيد البلخي «٣» : معلوم أنه ليس من الجواهر الموجودة في العالم أطول بقاء من الذهب لما يرى من انقضاء الزمان بدون فساد يعرض عليه، حتى أن العامة لتحكم بأنه جوهر لا فساد فيه البتة، وإنما خص بهذا البقاء الطويل وإبطاء آفات التغير بسبب اعتدال مزاجه في الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، فإن كل ما خرج من الأشياء المركبة عن الاعتدال إلى إفراط كيفية من الكيفيات الأربع أسرع إليه الفساد لغلبة تلك الكيفية، ولذلك الفساد الذي هو ضد الكون سببه الخروج عن الاعتدال، ولصحة مزاجه لم يوجد فيه صدأ كغيره من الجواهر، والسهولة التي فيه لم توجد في غيره، إذ كل ما عداه يكسب الأطعمة والأشربة المجعولة فيه نوعا من فساد الطعم والرائحة، وكل ما أكل وشرب فيه وجد سليما من هذا العارض. ولذلك اختار الملوك العظماء الأكل والشرب فيه ووعد الله عباده به في دار الثواب، فقال سبحانه: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ