الإحسان، وفرش مهاد الأمن والأمان، ونشر شعاع اليمن على أهل الإيمان، وأقام قناة الدين، ومد رواق الملك الأمين، وفاق في الأرض بمكارم الأخلاق:
وكاد يحكيه صوب الغيث منسكبا ... لو كان طلق المحيّا يمطر الذهبا
والدهر لو لم يجر والشمس لو نطقت ... والليث لو لم يصد والبحر لو عذبا «١»
نعم وجدد رسوم العلم بعد أن نسجت عليها العنكبوت، وأحيا أنواع الآداب وقد كادت أن تموت، فهو يحبها حب المحسن لمن أحسن إليه، والغارس غرس يديه، ويتوفر على استجلاب ما بعد من دررها، واستثارة ما كمن من غررها، ويحرص عليها حرص النفس على تنفس الهواء، ويطلبها طلب طير الماء للماء؛ ذاك لامتزاج الأدب بطبعه، كامتزاج الشرف بنبعه، والتحام الفضل بخلقه، كالتحام الكرم بخلقه، وكونه من السؤدد في سواد عينه وسويداء قلبه، فعين الله عليه من كل طرف عائن، وقلب خائن. وأدام الله جمال العلم بطول عمره وثبات ملكه، ونفاذ أمره وانتظام سلكه، ولا أخلاه من علو الراية، وإدراك الغاية، وإعزاز الأولياء، وإذلال الأعداء، ولقاء