إذ أضافها إلى نفسه جل ذكره، وإن لم تكن تلك الإضافة من النوع الذي يضاف إلى خلقه، ولا راجعة بوجه من الوجوه إلى شبهه، إلا أنه دلنا بها على علو رتبتها وشرف منزلتها، فقال عز من قائل:
وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ
«١» . وقال تعالى جده: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
«٢» ، وقال سبحانه: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي
«٣» . وجعل جل جلاله من ملائكته كتبة سفرة، وهم أرفع الخلق درجة وقال عز ذكره: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ
«٤» ، وقال تعالى: وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ
«٥» ، وقال جل ذكره: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ
«٦» ، ومعلوم أنه لو لم تكتب أعمال العباد كانت محفوظة لا يتخللها خلل، ولا يتداخلها نسيان ولا زلل، لكنه علم، عز اسمه، أن نسخ الكتاب أبلغ في التحذير، وأوكد في الإنذار، وأهيب في الصدور، وأراد تعريف عباده فضيلة الخط والكتابة واقسم، عز اسمه، بالآلة التي تتهيأ بها الكتابة، وهي القلم، فقال: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ
«٧» ، كما أقسم بالأشياء الجليلة الأقدار، الكبيرة الأخطار في نفوس عباده وعيون بلاده، كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض؛ وذاكرت في هذا أبا الفتح البستي فأنشدني لنفسه: