للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج- وإذا كان الطلاق أبغض الحلال عند الله فإن الإسلام شرعه كعلاج عندما تستعصي الحياة الزوجية، ولم يشرع الإسلام الطلاق من أول وهلة، وإنما شرعه عندما تستعصي كل محاولات الإصلاح. وقد منح الإسلام الرجل حق الطلاق -دون مال تفتدي به الزوجة نفسها، ودون الرجوع للقاضي. ولكنه لم يجعل الطلاق كلمة يلقيها الزوج على الزوجة فيحرمان بعضهما على بعض تحريمًا أبديًّا لا رجعة فيه، لكنه جعله فترة يمكن للزوجين مراجعة نفسيهما والتبصر في أمورهما وما بينهما من ارتباطات -أبناء، وتاريخ، ومستقبل- فشرعه مفرقًا مرة بعد أخرى دفعات متعددة، فخلال الطلقة الأولى والثانية يدعو الإسلام الزوج بالرجوع إلى زوجته -من خلال المراجعة- دون تجديد عقد ما دامت في عدتها، قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: ٢٢٨] .

د- وَضَعَ الإسلام للطلاق الصحيح مجموعة من القيود بالنظر إلى لفظه وبالنظر إلى أهلية الزوج، وبالنظر إلى حالة الزوجة. فالطلاق الثلاث في كلمة واحدة لا يقع إلا واحدة، وجعل الإسلام الجمع لغوًا لا يقع به شيء. كذلك يجب ألا يعلق الطلاق على شيء بفعل منه أو منها كأن يقول: "إن فعلت كذا فأنت طالق"، ولا يقع الطلاق بالأمور الشائعة، كأن يقول الشخص: عليَّ الطلاق أن هذه السلعة بكذا" كذلك رسم الإسلام أن يكون الطلاق في طهر لم يمسها فيه ... إلخ١٦.

هـ- يقول تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] . فبعد الطلقة الأولى والطلقة الثانية يحل لكل من

<<  <   >  >>