ثَالثًا: الانفتاح العقلي على مختلف التجارب والخبرات البشرية
مع تقييمها من المنظور الإسلامي والاستفادة مع ما يتفق منها مع مبادئ الإسلام ورفض ما يتعارض معها، ويقول عليه الصلاة والسلام:"الحكمة ضالَّة المؤمن فحيثما وجدها فهو أحق بها""أخرجه ابن ماجه ٢/ ١٣٩٥"، ومما نعى به القرآن الكريم على اليهود والنصارى انغلاق كل فريق وتقوقعه ورفض الحوار أو التفكير فيما لدى الآخر من تراث وأفكار، قال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[البقرة: ١١٣] . كذلك يندد القرآن الكريم بإصدار أحكام مسبقة على أي أمر من الأمور أو أي فكرة أو رأي تنبثق عن انغلاق سلبي وخوف أو تخوف من المناقشة الحرة المفتوحة دون فهم أو وعي بطبيعة الأمر أو الرأي المرفوض أصلًا، ويشير سبحانه أن هذا الرفض السلبي المنغلق للأفكار الجديدة دون دراسة وفحص، يؤدي إلى الهلاك لأنه يؤدي إلى الجمود والتحجر الفكري والثقافي والاجتماعي. قال تعالى:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ، وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ، وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[الأنعام: ٢٥-٢٨] .
ومن أبرز خصائص الإسلام دعوته إلى إعمال العقل والانفتاح على خبرات البشرية، ذلك لأنه دين عقلي فإذا أعمل الإنسان عقله، وفكر بمنطق سليم فسوف يكتشف الحقيقة وهي أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}[فاطر: ٢٨] ، فوحدة الكون