الواقعية الاقتصادية في الإسلام -تكافؤ الفرص وتفاوت الثروات
وأوجب الإسلام على كل قادر على العمل أن يعمل وأن يلتمس رزقه وأن يكتسب حماية له من التسول وسؤال الناس -أعطوه أو منعوه- وحفاظًا على كرامته وكرامة أسرته وحماية للمجتمع من العاطلين الفاسدين المفسدين ... وأوجب الإسلام على الدولة تأمين العمل للقادرين وتأمين الحاجات الأساسية للعجزة والشيوخ والمحتاجين، وأوجب على الأغنياء أداء الزكاة وهي حق معلوم من أموالهم للفقراء والمحتاجين، وقد جعل الله في غنى الأغنياء سعة لذوي الحاجات. وعلى الدولة الإشراف على أداء الزكاة وضمان إخراجها، ويأمر الإسلام بالتعاون بين الناس في البر والتقوى وتحقيق التوازن داخل المجتمع ... غير أن هذا ليس معناه تحقيق المساواة الحسابية بين الناس وجعل الأغنياء والفقراء سواء -كما يريد أصحاب بعض المذاهب الهدامة- ذلك لأن الإسلام دين الفطرة يتسم في نظمه الاقتصادية بالواقعية الأخلاقية، فهو يعترف بالواقع وبالتفاوت بين الأفراد في الملكات والمواهب والاستعدادات والميول والذكاء والقدرات والجهود ... فلكل سعيه وجهده ومقدرته على الكسب، وخبرته في العمل. وقد بحث بعض الفقهاء -مثل أبي عبيد القاسم في كتابه الأموال، وأبي يوسف في كتابه الخراج- في القوانين الاقتصادية على أساس تحقيق العدلة الاجتماعية والفرصة المتكافئة بين الناس عامة٣٤.. مع ترك المواهب والقدرات الذهنية والبدنية تعمل في نطاق الغاية العظمى التي يهدف الإسلام إلى تحقيقها في كل تشريعاته وهي المصلحة العامة والعدالة وعدم التعسف. قال عمر بن الخطاب: الرجل وبلاؤه.. الرجل ووفاؤه.. الرجل وقدمه.. الرجل وحاجته.
ويقر الإسلام حقيقة التفاوت الفطري بين الناس في القدرات والاستعدادات والمساعي والأرزاق٣٥. قال تعالى: