للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تؤمن له حاجاته المعيشية من ملبس ومسكن ومطعم. وقد وجه الإسلام إلى فكرة الضمان الاجتماعي وحماية حقوق الإنسان والتأمينات الاجتماعية بالشكل الإسلامي قبل أن يتنبه إليها الغرب بقرون طويلة. فالإسلام يؤمن الإنسان على أكله وشربه ولبسه ونفقات أسرته ويؤمنه ضد البطالة وضد العجز والشيخوخة، فإذا كان الإنسان عاجزًا عن العمل أو شيخًا هرمًا أو مريضا فإنه يجب على الدولة تأمين حاجاته المعيشية من ملبس ومطعم ومسكن.

ولا يقف الإسلام عند هذا الحد من تكريم العامل وصاحب العمل وتأمين العجزة والشيوخ وتحديد العلاقة الاقتصادية والأخلاقية بين العامل وصاحب العمل، وإنما يحدد علماء الاقتصاد الإسلامي الحاجات الحيوية للإنسان في حدها الأدنى -استنادا إلى الكتاب والسنة، بالمأوى والكساء والطعام والماء. وهم يستنبطون هذا التحديد من الآية الكريمة: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى، وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} [طه: ١١٧، ١١٨] . ثم يقررون أن كل أجر لا يضمن للعامل أو الموظف حاجاته الأساسية الحيوية تلك لا يقره الإسلام. ويضيفون أن كفاية الأجر لضرورات الحياة أساس أول لقيام المجتمع الإنساني المستقر المتماسك. وإلى جانب هذه الحاجات الحيوية الأساسية ينبغي أن يؤمن للعامل متطلبات التطور الاجتماعي المشروع كالعلاج الطبي وفرص التعليم٣٣ ... إلخ.

يضاف إلى كل ما سبق أن الإسلام يحث على تنمية أجر العامل، فقد جاء في صحيحي البخاري ومسلم أن ثلاثة رهط سد عليهم باب مغارة فدعا كل واحد منهم بصالح عمله، ومن قول ثالثهم: "اللهم إني كنت استأجرت أجراء فأعطيتهم أجورهم غير رجل واحد ترك أجره وذهب، فثمرته له حتى كثرت منه الأموال. فجاءني بعد حين فقال يا عبد الله أدِّ إلى أجري. فقلت كل ما ترى من البقر والغنم والإبل والرقيق أجرك ... اذهب فاستقه. فقال يا عبد الله لا تستهزئ بي. فقلت إني لا أستهزئ بك. اذهب فاستقه فأخذه كله".

<<  <   >  >>