للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التحديث وقضية الالتزام الجماهيري بقضايا المجتمع والتنمية]

ويركز "لوير" على عامل سيكولوجي وبنائي في الوقت نفسه وهو التزام الناس بقضايا مجتمعهم وتطويره وتغييره. وهذا هو ما يفسر -في نظر الباحث المذكور- تخصيص القادة السياسيين جزءًا كبيرًا من وقتهم وجهدهم لتأمين هذا الالتزام. ويضرب لنا مثلًا حكام أندونيسيا في الفترة التي أعقبت ١٩٥٨.

غير أن النتيجة كما يذكر "هربرت فيث" كانت غامضة، فقد استطاعت هَذِهِ الْجُهُودُ السياسية حل بعض المشكلات الإدارية والاقتصادية، كما أدت إلى إقدام الناس على أعمال لم يعتادوا عليها طالما أنها مهمة لتنمية بلدهم، هذا من جانب -لكن من جانب آخر فقد وجد أن الكفاءة الاقتصادية والإدارية العامة للمجتمع لم تزد كثيرًا نتيجة أن التعبئة السياسية أشعرت الناس أن الولاء السياسي والإيديولوجي أهم من النشاط الاقتصادي٢٥.

على أن التركيز على الإيديولوجية القومية والانتماء الوطني كمدخل تحقيق الالتزام بقضايا المجتمع بوصفه الشرط الأول للتحديث الشامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمعات النامية، أدى في العديد من المجتمعات إلى أزمات داخلية Dilemas ويمكن تحليل ذلك على النحو التالي:٢٦.

أولا: غالبًا ما تؤدي دعوات التحديث إلى تهديد نماذج العلاقات والالتزامات أو المسئوليات التقليدية -مثل العلاقات والمسئوليات القرابية بين مجتمعات الجيرة، كما يهدد باختلال الكثير من العلاقات والجماعات الأولية، ونبذ الأساليب التقليدية في التفكير والعمل ... الأمر الذي يهدد أمن الناس وبالتالي يرفضونه أو على الأقل يتحفظون في قبول التجديدات. ويضرب لنا "لوير" مثالًا على ذلك بمجتمع جنوب أفريقيا حيث انتشرت فيه ظاهرة المشروعات التجارية لصيد الأسماك الأمر الذي أضفى الطابع

<<  <   >  >>