ثانيا: مواجهة الإسلام لمشكلة التمايز والصراع الطبقي:
ينظر الإسلام إلى الإنسان على أنه أكرم من في هذا الوجود، وقد اختاره الله تعالى للخلافة عنه في الأرض، وسخر له -الخالق سبحانه- كل ما فيها من جبال وبحار وزرع وضرع، بل سخر له ما في السموات وما في الأرض، وأعطاه من العلم قدرا يستطيع معه تسخير كل ما في الأرض لمصلحته، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء: ٧٠] وإذا كان معيار التمايز الطبقي في علم الاجتماع يتضمن عدة مؤشرات كالدخل والملكية والتعليم والمهنة وحق السكن....الخ، فإن الإسلام يرفض كل هذه المعاير للتمايز الطبقي ويستدبلها بمعيار آخر وهو معيار التقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ٤٩] ، ولا يقيم الإسلام وزنا للتمايز اللوني أو في الثروات أو في الحسب والنسب؛ لأن الله هو الذي قسم بين الناس معيشتهم في الحياة الدنيا وقد أمر الرسول المسلمين بضرورة السمع والطاعة ولو أمر عليهم عبد حبشي أسود طالما أنه يحكم بالشرع، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بألا ينادي السيد عبده، يا عبدي، وألا يقول العبد لسيده: يا سيدي، بل يقول المالك: فتاي وفتاتي، ويقول العبد: مولاي، أي صديقي الذي أواليه وأنصره، وأمر أن يأكل العبد مما يأكله مالكه ويكسوه مما يكسو بنفسه وأولاده، وقال عليه الصلاة والسلام:"إخوانكم خولكم ملككم الله إياهم ولو شاء لملكهم إياكم، أطعموهم مما تطعمون، واكسوهم ما تكسون" وقال عليه السلام: "من لطم عبده فكفارته عتقه" وتشير نصوص القرآن الكريم أن نفس العبد كنفس الحر، فالحر يقتل بالعبد إن قتله ولو كان القاتل سيده، وللعبد حق الشكوى من سيده ومخاصمته في القضاء إذا ما كلفه ما لا يطيق. ويوجب الإسلام على