للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المالك نفقة مملوكة لو كان لا يعمل شيئا، وإذا كان البعض يقول: إنه كان الأولى بالإسلام أن يمنع الرق ما دامت الكرامة الإنسانية حقا ثابتا لكل إنسان بغض النظر عن اللون والجنس والدين.... فالواقع أن القرآن الكريم لم يرد فيه نص يبيح الرق، وإقرار الرق ثبت من كثرة أوامره بالعتق، ولم يثبت أن الني صلى الله عليه وسلم أمر إنشاء رق على حر لا في حرب ولا في سلم، والرق الذي أنشأه الخلفاء في الحروب من بعده كان لعدم وجود نهي صريح عنه، وكان ذلك من قبيل المعاملة بالمثل في الحروب تطبيقا لقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} ، وكان أعداء المسلمين يسترقون الأسرى من المسلمين، فكانت من المعاملة بالمثل قيام المسلمين باسترقاق أسرى الأعداء، فإذا كان الأعداء لا يسترقون المسلمين، فلا يجب على المسلمين أن يسترقوا أعداءهم لأن أمر الله سبحانه {وَلا تَعْتَدُوا} . ثم إن الإسلام فتح باب العتق على مصراعيه. وعلى أولئك الذين يقولون كيف سكت الإسلام على الرق فلم يلغه أن ينظروا إلى أسلوب معاملة أسرى الحروب -حتى في القرن العشرين- والمعاملات السيئة البشعة التي يلقونها من أعدائهم.

ويرفض الإسلام معيار التمايز الاقتصادي كأساس لقيام بناء طبقي، فقد قرر الإسلام أن الفقر والغنى حقيقتان من حقائق الوجود الإنساني قال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: ٣٢] ويقول الشيخ أو زهرة: إن بعض الناس فهموا من هذا أن الإسلام يقر الفقر والغنى ويقر وجود الطبقات بسبب الغنى لقوله تعالى: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} وذلك الفهم خطأ لأن مؤدى هذا أن يكون اعتراض المعترض بأن القرآن الكريم كان يجب أن ينزل على رجل غني -واردا- والمعنى الصحيح أن الله سبحانه وتعالى قسم المعيشة بين الناس، وأن رفع الدرجات قسمة أخرى غير قسمة المعيشة لا يتوقف

<<  <   >  >>