وقد وجهنا سبحانه إلى تحصيل الثروة من خلال الصناعة التي تعد الدعامة الكبرى التي تقوم عليها الحضارات الإنسانية وهي أساس تنمية المجتمعات اقتصاديا. ويشير القرآن الكريم إلى عدة صناعات مهمة -مثل صناعة الحديد وهي صناعة استخراجية وتحويلية يقول تعالى:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}[الحديد: ٢٥] ، ومثل صناعة الملابس الغزل والنسيج، يقول تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً}[الأعراف: ٢٦] ، ومثل صناعة المعمار والتشييد والبناء، قال تعالى:{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ}[النمل: ٤٤] ، ويمكن أن يجد المتتبع للقرآن الكريم العديد من الإشارات إلى صناعات أخرى كثيرة. وإذا كان الإسلام يوجه الناس إلى هذه الأساليب الثلاثة الأساسية لصناعة الثروة وتحصيلها، فقد أطلق على السعي في هذه السبل ابتغاء من فضل الله. وأمر بهذا السعي حيث قال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[الملك: ١٥] , ولم يأمر بالانصراف عن تحصيل الثروة بالأساليب المشروعة إلا لخصوص العبادة، فإذا انتهت أمر سبحانه بالاستمرار في الابتغاء من فضل الله يقول