للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما فخر الدين الرازي فيشير في "مفاتيح الغيب" أن الحكمة لا تخرج عن معنيين هما:

أ- العلم.

ب- فعل الصواب.

وأنها تنقسم إلى قسمين: حكمة نظرية، وحكمة عملية، ولا بد من تكاملها في الإنسان الفاضل والسلوك الكامل، فقوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [الشعراء: ٨٣] ، فالشق الأول يشير إلى الحكمة النظرية، أما الشق الثاني، فإنه يشير إلى الحكمة العملية، وفي اللغة: الحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم.

وتخلص مما سبق إلى أن الحكمة هي نفاذ البصيرة في السنن الكونية والاجتماعية والإنسانية والتاريخية وإتقان العمل والتصريف دون تصادم مع هذه السنن، وفي ضوء ظروف العصر المتغيرة، فالحكمة لدى الفقيه تعني القدرة على استنباط التشريعات والأحكام اللازمة في مختلف ميادين الحياة، وهي لدى القائد فهم معنى الجهاد والوقوف على منطلقاته وأهدافه وتنظيماته وحسن التعامل بذلك كله حسب المواقف المتغيرة، وهي لدى المربي المسلم فهم منطلقات التربية الإسلامية وأهدافها وأسسها ووسائلها، وهي لدى الإداري حسن تصريف الأمور، وهي لدى السياسي حسن التخطيط والتنفيذ في الداخل والخارج. وهذا هو ما يقرره فخر الدين الرازي في كتابه "مفاتيح الغيب"، حيث ذهب إلى أن "الحكمة هي اسم لكل عمل حسن وعمل صالح، وهي بالعلم العملي أخص منها بالعلم النظري، وفي العمل أكثر استعمالًا من العلم".

وانطلاقا من هذا الفهم لمعاني الحكمة فإن ترجمتها التربوية تتمثل في محاولة فهم قدرات الفرد واستعدادته وميوله "الاجتماعية والتعليمية والمهنية" من أجل القيام بمختلف عمليات التوجيه "النفسي والتعليمي

<<  <   >  >>