للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعقليًّا ونفسيًّا على أسلوب الثواب والعقاب، وهو أسلوب يتفق مع طبيعة الإنسان حيثما كان، وفي أي مجتمع مهما كانت عقيدته ولونه وجنسه. فالإنسان يتحكم في سلوكه وفكره ويعدل فيهما بمقدار إدراكه لطبيعة أو نوعية ما يترتب عليهما من نتائج وخبرات -سارَّة أو مؤلمة- ويميل الإنسان إلى الخبرات والسلوك الذي يقترن بخبرات سارة، والتخلي أو رفض السلوك الذي يقترن بخبرات مؤلمة. ويستخدم القرآن الكريم هذا الأسلوب حيث يحرص باستمرار على تأكيد أن هناك نتائج إيجابية للإيمان ومراقبة الله والتحلي بالقيم الإسلامية، وهناك نتائج سلبية سيئة للانحراف عن العقيدة سواء في الدنيا وفي الآخرة. يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ، نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: ٣٠-٣٢] . ويقول تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ، كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ، يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ، لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ، فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الدخان: ٥١-٧٥] .

وفي مقابل هذا الوضع والمصير الرائع للمؤمنين، هناك الوضع والمصير المزري للمشركين والكفار والمنحرفين، يقول تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ، وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} [الأحقاف: ١٩-٢٠] . وإذا كان الإنسان معرضًا باستمرار إلى الزلل فيجب عليه أن يتوب من قريب، وأن يستغفر ربه بصفة مستمرة، فذلك هو أسلوب العودة إلى الله ونبذ السيئات، وهذا الأسلوب التربوي

<<  <   >  >>