للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باستخدام المواقف وإعطاء الجرعة التوجيهية أو المضمون التربوي الملائم لكل موقف، بشكل معجز في القرآن الكريم بشكل عام وبشكل تفصيلي، ويتمثل الأول في مضمون التوجيه التربوي القرآن الكريم في مكة، الذي اختلف عنه في المدينة، ففي العهد المكي كان التوجيه إلى الصبر على الأذى واحتمال المكروه والصمود في وجه الكفار.. أما في العهد المدني صدر التوجيه إلى رد العدوان، واستخدام القوة في رد المعتدين وتحقيق العزة ورفض الخضوع، ومن أمثلة الآيات الكريمة التي نزلت في العهد المكي والتي تحض على الصبر والجلد والتحمل ما جاء في سورة المزمل: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} [المزمل: ١٠] أما في العهد المدني عهد القوة والعزة الإسلامية فقد فرض القتال والدفاع ورد العدوان ومحاربة الكفر ... وكان سبحانه يعلم المؤمنين أخطاءهم خلال المواقف الفعلية الواقعية حتى يتخلصوا من أخطائهم، ويتحقق لهم النصر والغلبة والعزة، يقول تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥] وهكذا يعلم الله سبحانه المسلمين من هذا الدرس القاسي، يعلمهم أن الفوز والهزيمة لا تتعلق بقضية العدد أو بأسباب القوة الأرضية بقدر ما تتعلق بعون الله ونصرته وإرادته، كذلك فإن الله سبحانه وتعالى يعلم المسلمين ويوضح لهم دروس مستفادة من واقعة بدر: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ، لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ، إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ، وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: ٧-١٠] .

<<  <   >  >>