للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طرق ... وهنا يكون نزع الملكية جائز شرعًا٩. ويروي المؤرخون أن عمر ابن الخطاب أراد أن يوسع المسجد الحرام فطلب شراء البيوت المحيطة بالكعبة ليضمها إلى المسجد، فوافق بعض أصحابها ورفض البعض الآخر. فقام عمر ابن الخطاب بأخذها جبرًا عن أصحابها ووضع قيمتها في خزانة الكعبة ليأخذها أصحاب الدور وقال لهم: "إنما نزلتم على الكعبة وهذا فناؤها، ولم تنزل الكعبة عليكم". على أن الإسلام لا يقر الظلم بأي شكل ولهذا فإن واجب الدولة في حالة نزع الملكية الخاصة للمصلحة العامة تعويض المالك بالثمن العادل لأملاكه.

أما بالنسبة للممتلكات التي تنمو من خلال طرق غير مشروعة كالربا والاحتكار والإضرار والرشوة والتهريب والامتناع عن أداء الزكاة والإتجار بالسلع المحرمة وتحقيق أرباح فاحشة نتيجة استغلال ظروف معينة مثل ظروف الحرب ... فإن واجب السلطة العادلة أن تدرس كل حالة وتحدد الإجراء الذي يتخذ في كل حالة على حدة، فتصادر كليًّا ما جمع عن طريق الرشوة والربا والاحتكار، وتصادر جزئيًّا ما جمع عن طريق الاستغلال والربح الفاحش، ولها سلطة تقديرية في اتخاذ القرارات العادلة طبقًا لمبدأ لا ضرر ولا ضرار مع مراعاة مبدأ العدالة في كل حالة١٠.

وإذا كان الإسلام يبيح نزع الملكية الخاصة تحقيقًا للصالح العام، فإنه يبيح نزعها في حالة إساءة استخدام الحق وعدم إمكان إيقاف سوء الاستخدام بوسائل أخرى. ويحفل التاريخ الإسلامي بالتطبيقات العديدة لهذا المبدأ. فقد كان لسمرة بن جندب نخل في بستان رجل من الأنصار، وكان سمرة يكثر من دخول البستان هو وأهله فيؤذي ذلك صاحب البستان، فشكا إلى الرسول -صلي الله عليه وسلم- فاستدعى سمرة وقال له: "بعه نخلك" فأبى، فقال: "فاقطعه"، فأبى. فقال: "هبه ولك مثله في الجنة"، فأبى، فقال عليه الصلاة والسلام: "أنت مضار" ثم التفت إلى الأنصاري وقال: "اذهب فاقلع نخله"* وهذا يعني أن


*مذكور في كتاب أبو زهرة ص٢٢، العسال ص٥٨.

<<  <   >  >>