للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبيل الله -سد حاجة الفقير وإقامة المصالح- دون تحديد للأنواع المالية التي منها ينفقون والمقادير التي لها ينفقون تاركًا هذا الأمر لتقدير المسلمين حسب شعورهم ودوافعهم الإيمانية وإحساسهم بالأخوة الدينية، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩] . ومرة أخرى يحدثنا القرآن عن تساؤل المؤمنين حلو الإنفاق قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢١٥] .

وبعد أن تركز المسلمون واتسع نطاق حياتهم بالهجرة إلى المدينة وصاروا جماعة متميزة لها منهجها الخاص في الحياة ولها هدفها التي تعمل له، وتهيأت في ظل ذلك نفوسهم لقبول التحديد، امتد بيان الرسول عليه السلام إلى هذا الجانب بالتنظيم والتحديد على الوجه الذي يهدف إلى صالح الفرد والجماعة حيث صارت الزكاة ركنا من أركان الدين وفريضة من فرائضه وقرنت بالصلاة وشهادة التوحيد، قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: ٥] ، وقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: ١١] . وقد كانت وصية الرسول عليه الصلاة والسلام عندما بعث واليًا على اليمن: "إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب". وتدل التعاليم النبوية أن الزكاة في نظر الإسلام ليست إلا صرف بعض أموال الأمة -ممثلة في أغنيائهم- إلى الأمة نفسها ممثلة في فقرائها.

استخدم القرآن الكريم كلمة الأموال للتعبير بها عن كل ما يتملكه الإنسان ويتخذ وسيلة لعيشه وحفظ كيانه وقضاء مصالحه -وتشمل النقد والماشية والزرع وجميع أوجه الثروة- قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَة

<<  <   >  >>