الكريم أنظار المسلمين إلى مختلف جوانب العمل التي يجب على الإنسان أن يطرقها حيث أبرز للمؤمنين الكنوز التي في الأرض وموارد الرزق في البحار والأسرار التي في الكون، وأشار القرآن الكريم إلى ضرورة إعمال العقل والحواس التي وهبها الله للإنسان -لا ليعبث بها أو يوجهها في الشر- ولكن كي يستخدمها للانتفاع بالكون وما فيه، ذلك أن الكون الذي سخره الله لخدمة الإنسان قال تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}[الجاثية: ١٣] ، وقال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ}[الحج: ٦٥] ، وقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ}[الجاثية: ١٢] . فبين بذلك -وغيره- موارد الرزق على كثرتها ومصادر الثروة على اختلافها، وما على الناس بعد ذلك إلا العمل والسعي لاستغلال هذه الموارد الاقتصادية والتمتع بزينة الحياة الدنيا وطيباتها.
وقد أمر الإسلام كل مسلم أن يعمل، قال تعالى:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة: ١٠٥] ،وقال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[الملك: ١٥] ، وإذا كان الإسلام قد طالب كل قادر على العمل أن يعمل لما يحقق له الخير ولمجتمعه، فهناك من يقدرون على العمل لكنهم لا يجدونه٤٣. هنا يأتي دور الحاكم أو الدولة ممثلة في جهاز الحكم. وقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب من أموال الصدقة فنظر إليه الرسول الكريم فوجده إنسانا قويا قادرا على العمل، فقال له:"ألك شيء في بيتك؟ " قال: جلس نجلس عليه وإناء نشرب منه، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم:"ائتني بهما". فأتاه الرجل بهما فقال: من يشتري، فدفع أحدهما درهما، فقال من يزيد فقال آخر: درهمين، فدفعهما إليه وأعطى الدرهمين له فقال:"اشتر بأحدهما قدوما وحبلا وبالآخر طعاما لعيالك" فاشترى بالدرهم الفأس والحبل فشد النبي صلى الله عليه وسلم على الفأس ثم قال: "اذهب فاحتطب وبعه ولا تأتني إلا بعد خمسة عشر يوما". فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم بعد خمسة عشر يوما ومعه عشرة