بامتيازات شخصية إلا بمقدار ما تستدعيه المصحلة. وقد طبق هذا المعيار خلال العصر الذهبي للمجتمع الإسلامي -خلال عهد الخلفاء الراشدين- حيث كانا لحاكم يحاسب نفسه أولا، ويطلب إلى الشعب محاسبته ومراقبته ويعتبرها ضرورة من ضرورات استمرار الحكم الصالح. ويتضح هذا في خطبة أبي بكر الصديق عندما تولى الخلافة إذ قال:"أيها الناس، إني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني ... أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم".
وقال رجل لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين، لو وسعت على نفسك في النفقة من مال الله تعالى، فقال له عمر: تدري ما مثلي ومثل هؤلاء؟ كمثل قوم كانوا في سفر، فجمعوا منهم مالا وسلموه إلى واحد ينفقه عليهم فهل يحل لذلك الرجل أن يستأثر عنهم من أموالهم؟ فالمال العام لدى الحاكم وديعة وكان الخلفاء الراشدون يحاسبون الأمراء والعمال عن الأموال الموجودة لديهم، فإذا اكتشفوا أن أحدهم استغل مركزه في تحقيق منفعة مادية أو إثراء غير مشروع، كانوا يصادرون هذا المال -كله أو بعضه- ويضمونه إلى بيت المال ليستفيد منه الناس جميعا. وقد حبس الخليفة عمر بن عبد العزيز أحد ولاته وهو يزيد بن المهلب لأنه امتنع عن إعادة الأموال التي بحوزته إلى بيت المال، وقال له في تعليل ذلك: إنها حقوق المسلمين٥٢.