عندما قاسوا على هذه الأشياء أمورا أخرى مثل المعادن: الصلبة أو السائلة "كالبترول"٥٦.
ويذهب الفقهاء إلى أن المعادن وما يأخذ حكمها من نفط وخلافه، إن ظهرت في أرض ليست مملوكة لأحد تكون ملكا للدولة أي تكون في إطار الملكية العامة، وهناك خلاف بينهم في حالة ظهور المعادن في أرض مملوكة خاصة. فناك من الفقهاء من يقيسون ما في باطن الأرض على الأمور المنصوص عنها في الحديث السباق -الماء والكلأ والنار- ويذهبون إلى أن كل ما يوجد في باطن الأرض يكون من نصيب بيت مال المسلمين٥٧، حتى ولو وجد في أرض مملوكة ملكيةخاصة -وهذا هو رأي غالبية المالكية. وهناك رأي الشافعية الذين يذهبون إلى أن المعادن تابعة للأرض كالثمر والنبات فإذا وجدت في أرض مملوكة ملكيةخاصة صارت ملكيتها لصاحب الأرض، وهم لا يمانعون من أن يكون للدولة نصيب فيها، والرأي الغالب أن ملكية المعادن وما في حكمها يجب أن تكون للدولة تحقيقا للتكافل الاجتماعي وللمبدأ القائل بأن عائد العمل ينبغي أن يكون متكافئا مع الجهد المبذول فيه ولا يجوز قياس ما في باطن الأرض على النبات لأنهما مختلفان، هذا إلى جانب أن الناس جميعا في حاجة إلى هذه المعادن ولا يجوز تملكها ملكية خاصة وإلا كان هناك احتمال إيقاع الضرر بالمسلمين، وهذا ما يؤكده ابن قدامة وغيره من الفقهاء٥٨.
وإذا كان الإسلام قد أباح الملكية العامة في بعض الحالات فإنه لم يطلقها بدون ضوابط وإنما حدد ضوابطها وقيودها وأهمها: وجوب تخصيص المال العام للإنفاق على أغراض محددة، وهذا يعني أن الحكومة الإسلامية لا تملك إنفاق هذه الأموال في غير وجوهها الموضحة في الشريعة، فحصيلة الزكاة يجب أن توجه إلى مستحقيها الذين حددهم القرآن الكريم في الآية ٦٠ من سورة التوبة. {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[التوبة: ٦٠] .