وكما يشير "لوير" فإن تحديث المجتمعات النامية المعاصرة لا يتحقق كوظيفة لاتخاذ قرارات وطنية ولعمليات تحدث داخل هذه الدول نفسها فحسب، ولكنه يحدث في إطار سياق علمي International context محكوم بالعديد من المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإيديولوجية. ويشير "هانز سنجر" H. Singer في مقال له بعنوان توزيع العائد بين الدول المقترضة والدول المستثمرة إلى أن معدلات التجارة العالمية Terms of trade تسير في غير صالح الدول النامية بوصفها دولًا مصدرة للمواد النامية لأن متوسط دخول أبنائها منخفضة، ولهذا فإن التقلبات الحادة في معدلات وشروط التجارة الخارجية -سواء في حجمها أو في قيمتها. تضع عقبات أمام تحديث أو معدل وسرعة التحديث داخل هذه الدول. والدول النامية كما سبق القول غير قادرة على الدخول في منافسة في الأسواق العالمية العريقة بسبب رخص الصناعات المنافسة التي تملكها الدول المتقدمة صناعيًّا. يضاف إلى هذا أن أغلب الدول النامية تعتمد على اقتصاد الكفاف وبالتالي فإنها تعتمد على هامش الدخل Margin of Income الناجم عن التجارة الخارجية كمصدر أساسي للتراكم الرأسمالي، الذي يعد بدوره المصدر الأساسي للاستثمارات التنموية داخلها٢٨.
وإذا كانت الدول النامية في أمس الحاجة إلى توازنات في التجارة الخارجية تتجه لصالحها وهذا ما لا يحدث عادة إلا لظروف طارئة كما حدث في أسعار البترول بعد حرب ١٩٧٣ بين الدول العربية وإسرائيل، فالواقع أن استثمارات الدول المتقدمة صناعيًّا داخل الدول النامية، حولت أغلب هذه الدول الأخيرة إلى دول مصدرة للطعام والمواد الأولية للدول المتقدمة صناعيًّا، الأمر الذي يضر باقتصاديات ومصادر تمويل التنمية في الدول النامية لاعتمادها الأساسي على تصدير سلعة أو أكثر من السلع الأولية، الذي تتجه معدلات التبادل العالمية في غير صالح الدول المصدرة لها. والعكس صحيح فأسعار المنتجات المصنعة "التي تزداد جودتها وتقل تكلفتها داخل الدول