ونستطيع القول بأنه إذا كانت هناك مجموعة من الشروط الداخلية والخارجية الضرورية لتحقق التحديث داخل الدول النامية، فإنه على هذه الدول أن تعالج العديد من المشكلات الخطيرة من أجل نجاحها في تجربة التنمية وتحقيق أهدافها. ويذهب "لوير" بوصفه باحثًا غربيًّا إلى أن السلام في المستقبل مرهون بمدى قدرة الدول المتقدمة صناعيًّا والدول النامية على تفهم الموقف العالمي سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وبمدى استعداد الدول المتقدمة صناعيًّا لتحمل مسئوليتها إزاء تنمية الدول الفقيرة والنامية. والواقع أن طبيعة هذه المسئولية ليست على درجة كبيرة من الوضوح، كما أن الدول المتقدمة صناعيًّا ليست صادقة النية في هذا الصدد. ولعل هذا هو سبب فشل العديد من المؤتمرات التي تعقد بين الدول النامية والدول المتقدمة صناعيًّا تحت عدة مسميات مثل، الشمال والجنوب، أو الشرق والغرب، أو الدول الغنية والدول الفقيرة.. ويؤكد كثير من المحللين -حتى في الغرب- على أن المستقبل ينذر بالخطر والمشكلات والفتن إذا استمرت الدول المتقدمة صناعيًّا في تبني نفس الاتجاهات القديمة إزاء الدول الفقيرة والنامية، تلك الاتجاهات التي تتمثل في الأقوال المستهلكة التالية "تستطيع أي دولة أن تحدث نفسها اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا إن هي أرادت وإذا كانت مستعدة للعمل من أجل هذا الهدف، وأن المشكلات الأساسية في الدول النامية، داخلية، اجتماعية وسيكولوجية.. وهذا يعني تجاهل الأبعاد والظروف الدولية الضاغطة وسوء نية الدول المتقدمة صناعيًّا الأمر الذي ينذر بالخطر حتى على مستقبل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل هذه الدول ذاتها.