للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله (١) .

ــ

= مع قوله: محمد رسول الله، لكن قد يكتفى بها لاقتضائها لها، و (خالصا) احتراز من المنافق و (أسعد) أفعل تفضيل، وقيل أي سعيد الناس، أو المخلص أكثر سعادة بها، فجعل أسعد الناس بشفاعته أكملهم إخلاصا.

ورواه أحمد وابن حبان وصححه وفيه: " وشفاعتي لمن قال لا إله إلا الله مخلصا، يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه " ١ وفي صحيح مسلم عنه قال: " لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا " ٢. فهذان الحديثان ونحوهما مما يبين أنها لأهل التوحيد والإخلاص بإذن الله، وكذا في أحاديث الشفاعة كلها، إنما يشفع في أهل التوحيد كما في الكتاب العزيز.

وقال الحافظ: ((المراد بهذه الشفاعة المسؤول عنها بعض أنواع الشفاعة، وهي التي يقول "أمتي أمتي" "فيقال: أخرج من في قلبه وزن كذا من الإيمان".

وأما الشفاعة العظمى في الإراحة من كرب الموقف، فأسعد الناس بها من يسبق إلى الجنة)) اهـ.

وله صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات: الشفاعة الكبرى في أهل الموقف ليقضى بينهم، وشفاعته في أهل الجنة في دخولها، ولقوم من العصاة الذين يدخلون النار بذنوبهم، ويشفع لمن استوجب النار، ولقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم، وبعض الكفار في تخفيف عذابهم.

(١) فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم زعمهم الكاذب، وأخبر أن أعظم الأسباب التي تنال بها شفاعته تجريد التوحيد لله وحده، لا الالتجاء إلى الأولياء والصالحين وغيرهم، ودعاؤهم وطلبهم الشفاعة، فلا تنال بذلك، بل هو أصل شرك العالم، ولكن كما قال بعض السلف: من جهل المشرك اعتقاده أن من اتخذه وليا أو شفيعا أنه يشفع له، وينفعه عند الله، كما يكون خواص الملوك والولاة تنفع من والاهم، ولم يعلموا أن الله لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، وأنه لا يأذن في الشفاعة إلا من رضي قوله وعمله، وهو لا يرضى من القول والعمل إلا توحيده واتباع رسوله.


١ أحمد (٢/٣٠٧) .
٢ البخاري: الدعوات (٦٣٠٤) والتوحيد (٧٤٧٤) , ومسلم: الإيمان (١٩٨ ,١٩٩) , والترمذي: الدعوات (٣٦٠٢) , وابن ماجه: الزهد (٤٣٠٧) , وأحمد (٢/٤٢٦) , ومالك: النداء للصلاة (٤٩٢) , والدارمي: الرقاق (٢٨٠٥) .

<<  <   >  >>