للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر (١) ، زاد ما زاد " ١. رواه أبو داود بإسناد صحيح (٢) .

ــ

(١) اقتبس أخذ وحصل وعلم، وقبست العلم واقتبسته إذا علمته، والقبس الشعلة من النار، واقتباسها أخذها منها، والشعبة الطائفة والقطعة، ومنه: " الحياء شعبة من الإيمان "٢ أي جزء منه ولفظ أبي داود: " من اقتبس علما من النجوم "، وإنما شبه صلى الله عليه وسلم علم النجوم بعلم السحر؛ لأن حرمته منصوصة في القرآن العزيز، أي من علم طائفة من علم النجوم المحرم فقد اقتبس شعبة من السحر المحرم تعلمه، ولفظ رزين: " من اقتبس بابا من علم النجوم بغير ما ذكر الله، فقد اقتبس شعبة من السحر " ٣. فصرح صلى الله عليه وسلم بأن علم النجوم من السحر، وقال تعالى: {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} ٤.

(٢) وصححه الذهبي والنووي، رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما، ولفظ أحمد: " ما زاد زاد " أي كلما زاد المقتبس من تعلم النجوم زاد اقتباسه من شعب السحر، وفي الإثم الحاصل بزيادة الاقتباس من شعبه، وزيادة البعد من الله، فإنما يعتقدونه في النجوم من معرفة الحوادث التي لم تقع، وربما تقع في مستقبل الزمان، مثل إخبارهم بوقت هبوب الرياح، ومجيء المطر ووقوع الثلج، وظهور الحر والبرد، وتغير الأسعار ونحوها، ويزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب، واجتماعها وافتراقها باطل، كما أن تأثير السحر باطل، بل هو مما استأثر الله به. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} ٥. وقال -عليه الصلاة والسلام-: " ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر


١ أبو داود: الطب (٣٩٠٥) , وابن ماجه: الأدب (٣٧٢٦) , وأحمد (١/٢٢٧) .
٢ البخاري: الإيمان (٩) , ومسلم: الإيمان (٣٥) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٠٤ ,٥٠٠٥ ,٥٠٠٦) , وأبو داود: السنة (٤٦٧٦) , وابن ماجه: المقدمة (٥٧) , وأحمد (٢/٤١٤ ,٢/٤٤٢) .
٤ سورة طه آية: ٦٩.
٥ سورة لقمان آية: ٣٤.

<<  <   >  >>