للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك (١) . قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: أن يقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك (٢) " ١.

وله من حديث الفضل ابن عباس (٣)

ــ

(١) وذلك أن الطيرة هي التشاؤم بالشيء المرئي أو المسموع، فإذا رده شيء من ذلك عن حاجته التي عزم عليها كإرادة السفر ونحوه، فمنعه عما أراده وسعى فيه ما رأى وما سمع تشاؤما فقد دخل في الشرك؛ لكونه لم يخلص توكله على الله بالتفاته إلى ما سواه، فكان للشيطان منه نصيب.

(٢) أي لا معبود بحق سواك، فإذا قال ذلك وأعرض عما وقع في قلبه، ولم يلتفت إليه كفر الله عنه ما وقع في قلبه ابتداء، لزواله من قلبه بهذا الدعاء المتضمن للاعتماد على الله وحده، والإعراض عما سواه، ففيه أن الطيرة لا تضر من كرهها، ومضى في طريقه، وأما من استرسل مع الشيطان في ذلك فقد يعاقب بالوقوع فيما يكره؛ لأنه أعرض عن واجب الإيمان بالله الذي الخير كله بيديه، يجلبه لعبده بمشيئته وقدرته وإرادته، ويدفع عنه الضر بقدرته وإحسانه، فلا خير إلا منه، وهو الذي يدفع الشر عن عبده، وما أصابه من ذلك فبذنبه، كما قال: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} ٢. قال المصنف: الطيرة تعم أنواعا، منها ما لا إثم فيه كما قال عبد الله: وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل، فإذا وقع في القلب شيء وكرهه ولم يعمل به، بل خالفه وقال ذلك لم يضره شيء، فإن عمل من الحسنات شيئا فهو أبلغ وأتم في الكفارة، ولو قدرنا أن تلك الطيرة من الشرك الخفي أو الظاهر ثم تاب، وقال هذا الكلام على طريق التوبة فكذلك.

(٣) أي روى أحمد من حديث الفضل بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فبرح =


١ أحمد (٢/٢٢٠) .
٢ سورة النساء آية: ٧٩.

<<  <   >  >>