للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره (١) ".

ــ

(١) بل كل شيء بقضاء الله وقدره سبحانه وبحمده، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ١. ومن علم أن المتفرد بالعطاء والمنع هو الله وحده، وأنه هو الذي يرزق بسبب وبلا سبب ومن حيث لا يحتسب، لم يمدح مخلوقا على رزق، ولم يذمه على منع، ويفوض أمره إلى الله، ويعتمد عليه في أمر دينه ودنياه، ويسلم قلبه له، وقد بايع جماعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يسألوا الناس شيئا ولم يبح إلا لضرورة، محافظة على كمال الحب لله، وإخلاص التوكل عليه. قال شيخ الإسلام: اليقين يتضمن اليقين في القيام بأمر الله، وما وعد الله أهل طاعته، واليقين بقدر الله وخلقه وتدبيره، فإذا أرضيتهم بقدر الله لم تكن موقنا لا بوعده ولا برزقه، فإنه إنما يحمل الإنسان على ذلك إما ميل إلى ما في أيديهم، فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه منهم، وإما ضعف تصديقه بما وعد الله نصرك ورزقك، وكفاك مؤنتهم، وإرضاؤهم بما يسخطه إنما يكون خوفا منهم، ورجاء لهم، وذلك من ضعف اليقين، وإذا لم يقدر لك ما تظن أنهم يفعلونه معك فالأمر في ذلك إلى الله لا لهم، فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فإذا ذممتهم على ما لم يقدر كان ذلك من ضعف يقينك، فلا تخفهم ولا ترجهم، ولا تذمهم من جهة نفسك وهواك، ولكن من حمده الله ورسوله منهم فهو المحمود، ومن ذمه الله ورسوله منهم فهو المذموم، ولما قال بعض وفد بني تميم: " أي محمد أعطني فإن حمدي زين وذمي شين ". قال: "ذلك الله عز وجل".


١ سورة فاطر آية: ٢.

<<  <   >  >>