(١) أي إذا أصابته شوكة فلا يقدر على إخراجها بالمنقاش، دعاء عليه أيضا، حتى لو تصيبه الشوكة في رجله لم يجد من يأخذها بالمنقاش، لحقارته وهوانه والمراد أن من كانت هذه حاله فإنه يستحق أن يدعى عليه بما يسوءه في العواقب، وأنه يجد أثر هذه الدعوات، في الوقوع فيما يضره في العاجلة والآجلة. قال شيخ الإسلام: فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، وذكر فيه ما هو دعاء بلفظ الخبر، وهذه حال من إذا أصابه شر لم يخرج منه، ولم يفلح لكونه تعس وانتكس، فلا نال المطلوب، ولا خلص من المكروه، وهذه حال من عبد المال، وقد وصف ذلك بأنه إذا أعطي رضي، وإن منع سخط، كقوله:{فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} ١ فرضاهم لغير الله، وسخطهم لغير الله، وهكذا حال من كان متعلقا منها برياسة أو بصورة، ونحو ذلك من أهواء نفسه، إن حصل له رضي، وإن لم يحصل له سخط، فهذا عبد ما يهواه من ذلك، وهو رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته، فما استرق القلب واستعبده فهو عبده، وهكذا حال من طلب المال، فإن ذلك يستعبده ويسترقه، وهذه الأمور نوعان: ما يحتاج إليه العبد كطعامه وشرابه ومنكحه ومسكنه ونحو ذلك، فهذا يطلب من الله ويرغب إليه فيه، فيكون المال عنده، يستعمله في حاجته، بمنزلة حماره الذي يركبه، وبساطه الذي يجلس عليه، من غير أن يستعبده، فيكون هلوعا. وما لا يحتاج إليه العبد، فينبغي أن لا يعلق قلبه بها، فإذا تعلق قلبه بها صار مستعبدا ومعتمدا على غير الله، فلا يبقى معه حقيقة العبودية، ولا حقيقة التوكل على الله بل فيه شعبة من العبادة لغير الله، وشعبة من التوكل على غيره، وهذا أحق الناس بقوله:"تعس" الخ، فهذا هو عبد لهذه الأمور، ولو طلبها من الله، فإن الله إذا أعطاه إياها رضي، وإن منعه إياها سخط، وإنما عبد الله من يرضيه ما يرضي الله، ويسخطه ما يسخط الله، ويحب ما يحب الله، ويبغض ما يبغض الله، فهذا الذي استكمل الإيمان.