للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، (١) ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا (٢) لأتيتك بقرابها مغفرة (٣) "١

ــ

(١) قراب بضم القاف: ملؤها أو ما يقارب ملأها.

(٢) أي ثم مت حال كونك لا تشرك بي شيئا، وهذا شرط ثقيل في الوعد بحصول المغفرة وهو السلامة من الشرك قليله وكثيره، صغيره وكبيره، ولا يسلم من ذلك إلا من أتى الله بقلب سليم، ومن أتى بلا إله إلا الله وهو مشرك لم تصح منه أصلا، ولم ترجح حسناته بسيئاته، ولا يحرم على النار.

(٣) أي ملء الأرض، ذكر المصنف -رحمه الله- آخر الحديث وهو حديث قدسي، وأوله: "قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني" ٢ إلخ. وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي ذر: " ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة " ٣. وأخرج الطبراني في الثلاثة عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تعالى: يا ابن آدم مهما عبدتني ورجوتني ولم تشرك بي شيئا غفرت لك على ما كان منك، وإن استقبلتني بملء السماء والأرض خطايا وذنوبا استقبلتك بملئهن من المغفرة وغفرت لك ولا أبالي " ٤ حسنه السيوطي.

فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض خطايا لقيه الله بقرابها مغفرة، فإن أكمل العبد توحيده وأخلصه لله، وقام بشروطه أوجب ذلك مغفرة ما قد سلف من الذنوب، ومنعه من دخول النار، فإن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب ولو كانت قراب الأرض. وفيه سعة كرم الله وجوده، وكثرة ثواب التوحيد وتكفيره الذنوب. قال المصنف: =


١ الترمذي: الدعوات (٣٥٤٠) .
٢ الترمذي: الدعوات (٣٥٤٠) .
٣ مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٨٧) , وابن ماجه: الأدب (٣٨٢١) , وأحمد (٥/١٥٣) .
٤ الترمذي: الدعوات (٣٥٤٠) .

<<  <   >  >>