للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويخونون ولا يؤتمنون (١) ، وينذرون ولا يوفون (٢) ، ويظهر فيهم السمن (٣) .

ــ

= العيني رفعه بفعل محذوف تقديره يجيء قوم.

وفي بعض الروايات "يجيء قوم". وفي بعضها: "يكون قوم" لكن بدون ذكر إن بعدكم "ويشهدون" أي الزور "ولا يستشهدون" أي لا تطلب منهم الشهادة لفسقهم أو لاستخفافهم بأمرها وعدم تحريهم الصدق، لقلة دينهم وضعف إيمانهم، والذم لمن شهد بالباطل، لما في بعض الألفاظ "ثم يفشو فيهم الكذب، حتى يشهد الرجل ولا يستشهد". ولقرنه بالخيانة، ولا منافاة بينه وبين حديث: " خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها "٢؛ لأن هذا في حقوق الله التي لا طالب لها، وفي حقوق الآدميين التي لو لم يأت بها الشاهد لضاع حق من هي له، لعدم علمه بها، وقيل: أي يتحملون الشهادة من غير تحميل.

(١) أي يخونون من ائتمنهم، ولا يؤتمنون لخيانتهم الظاهرة، وفيه دلالة على أن الخيانة قد غلبت على كثير منهم أو أكثرهم.

(٢) أي لا يوفون ما وجب عليهم بالنذر، وهذا لا ينافي حديث النهي عن النذر، وأنه لا يأتي بخير، وإنما هو تأكيد لأمره، وتحذير من التهاون به بعد إيجابه، فظهور هذه الأعمال الذميمة يدل على ضعف إسلامهم، وقلة إيمانهم.

(٣) يعني المفرط للتوسع في المآكل والمشارب، والرغبة في الدنيا ونيل شهواتها، والتنعم بها، والغفلة عن الدار الآخرة والعمل لها، وليس المراد مطلق السمن؛ فإنه لا يخلو منه زمان، ولا عيب فيه. وفي حديث أنس: " لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم "٣. سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال الشر يزيد في الأمة حتى كثرت البدع، وفشا الشرك، وعمرت المساجد على القبور، وشيدت عليها القباب، وعبدت من دون الله، وعادت الجاهلية الأولى، بل صار =


١ البخاري: المناقب (٣٦٥٠) , ومسلم: فضائل الصحابة (٢٥٣٥) , والترمذي: الفتن (٢٢٢١ ,٢٢٢٢) , والنسائي: الأيمان والنذور (٣٨٠٩) , وأبو داود: السنة (٤٦٥٧) , وأحمد (٤/٤٢٧ ,٤/٤٣٦) .
٢ مسلم: الإيمان (٨٢) , والترمذي: الإيمان (٢٦٢٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٧٨) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٧٨) , وأحمد (٣/٣٧٠ ,٣/٣٨٩) , والدارمي: الصلاة (١٢٣٣) .
٣ الترمذي: الإيمان (٢٦٢١) , والنسائي: الصلاة (٤٦٣) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٧٩) , وأحمد (٥/٣٤٦ ,٥/٣٥٥) .

<<  <   >  >>