وعن طارق بن شهاب (١) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب (٢) . قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ (٣) قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا (٤) ،
ــ
(١) هو ابن عبد شمس بن هلال بن عوف البجلي الأحمسي أبو عبد الله، قال الحافظ: رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل. وروى أبو داود والبغوي أنه قال:((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وغزوت في خلافة أبي بكر)) . وقال أبو داود: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، فروايته عنه مرسل صحابي، وهو مقبول على الراجح، توفي سنة ٨٣هـ.
(٢) أي بسبب ذباب ومن أجله، ولعل هذين الرجلين من بني إسرائيل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يحدث عنهم.
(٣) كأنهم تقالوا هذا العمل، واستغربوه وتعجبوا منه، كيف بلغ الذباب إلى هذه الغاية التي بسببه دخل رجل الجنة ورجل دخل النار، أو احتقروه كيف كان تقريب الذباب سببا لدخول الجنة أو النار، فاستفهموه ليبين لهم ما استغربوه، فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما صير هذا الأمر الحقير عندهم عظيما، يستحق هذا عليه الجنة، ويستوجب الآخر عليه النار.
(٤) وإن قلّ تعظيما لصنمهم، والصنم ما كان منحوتا على صورة وعبد من دون الله، ويطلق عليه الوثن كما مر، وكل ما عبد من دون الله يقال له صنم، بل كل ما يشغل عن الله يسمى صنما، ولا يجاوزه أي لا يمر به ولا يتعداه حتى يقرب له شيئا.