للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرج الأصفهاني في كتابه (الأغاني) أن الأخفش بعد أن هجاه بشار كان يحتجُّ بشعره في كتبه ليبلغه ذلك فيكُفَّ عن ذكره بعد هذا بشر، فكَفَّ عن ذكره بعد هذا. وليس في كتاب سيبوبه ما يدل على استشهاد سيبويه بشعر لبشار، وإنما يمكن أن يكون سيبويه قد ذكر شعر بشار في بعض مجالسه من غير أن يقصد إلى الاحتجاج به، ولم يذكر شيئًا منه في كتابه يدل على ذلك قول أبو الفرج الأصفهاني في (الأغاني) عن سيبويه: "وكان إذا سُئل عن شيء فأجاب عنه، ووجد له شاهدًا من شعر بشار؛ احتج به استكفافًا لشره"، انتهى. استكفافًا: أي: طلبًا للكفّ.

ولعل سيبويه لم يكن يقصد الاحتجاج، وإنما أراد التمثيل فقط، وإلى هذا أشار أبو العلاء المعري في (رسالة الغفران) فقال: "وذكر من نقل أخبار بشار أنه توعَّد سيبويه بالهجاء، وأنه تلافاه واستشهد بشعره، ويجوز أن يكون استشهاده به على نحو ما يذكره المتذاكرون في المجالس ومجامع القوم" انتهى.

وتبقى الإشارة إلى أن كتاب سيبويه قد خلا من اسم بشار، كما خلا من شعره، ولا يوجد في كتاب سيبويه إلا بيت واحد زعم أصحاب بشار أنه من شعره، وهو قوله:

فما كل ذي لُبّ بمؤتيك نصحه ... وما كل مؤتٍ نصحه بلبيب

وقد ذكر سيبويه عجز هذا البيت في باب الإدغام في (الكتاب) ولم ينسبه إلى قائل، وأصحاب بشار يَرْوُون له هذا البيت. والصحيح أنه لأبي الأسود الدؤلي وهو مذكور في ديوانه، كما جاء في كثير من المصادر.

وقد ختم السيوطي كلامه بقوله: "ونقل ثعلب عن الأصمعي قال: خُتم الشعر بإبراهيم بن هرمة" وهذا الرأي هو أحد آراء ثلاثة ذكرها الأصمعي فيمن يعد

<<  <   >  >>