الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فبقي أن تتعرف على الركن الرابع، وهو آخر أركان القياس وأهمها على الإطلاق، وهو: العلة النحوية:
أما الحديث عن وثاقة العلة:
فالعلة النحوية كما قال ابن الفرخان في كتابه (المستوفى): "في غاية الوثاقة فهي غير مدخولة، أو متسمح فيها، وليست كما ذهب إليه غَفَلة العوام واهية أو متمحلة". أما قول ابن فارس اللغوي -رحمه الله تعالى-:
مرت بنا هيفاء ممشوقة ... تركية تُنمى لتركيي
ترنو بطرف فاتر فاتن ... أضعف من حُجة نحويي
فهو يعني: العلل المتكلفة التي يتخيَّلها بعض النحاة. أما العلل المعتمدة: فهي كما قال عنها ابن جني في (الخصائص) مشيرًا إلى وثاقتها وقوتها: "وظهور وجهها أقرب إلى علل المتكلمين منها إلى علل المتفقهين، وذلك أنهم يحيلون على الحسّ، ويحتجُّون فيه بثقل الحال أو خفَّتها على النفس، وليس كذلك حديث علل الفقه ... " إلى آخر ما قال.
فأوضح أن أكثر العلل النحوية تظهر حكمتها؛ لأنها تعتمد على الحس الذي هو أقوى الأدلة، وعلل الأحكام الفقهية كثيرًا ما تَخفى حكمتها عن الفقهاء؛ لأن عللهم مبنيَّة على الظنون؛ إذ الفقه مبناه على غلبة الظن؛ لأنها أمور تتعلق بأمور تعبديَّة، فإذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم قال:"هذا تعبدي، وما عجز النحويون عن تعليل حكمه قالوا عنه: هو مسموع".