ومذهب يونس في "جوارٍ" وهو في الأصل جمع "جارية" إذا جُعل علمًا لرجل منع صرفه؛ لأنه على صيغة منتهى الجموع عنده؛ فيبقيه يونس على أصله استصحابًا للأصل، وإبقاء لما كان على ما كان، وسيبويه يصرفه؛ لأن المنع إنما كان لصيغة منتهى الجموع، وقد فقدت هذه الصيغة بتصييره علمًا.
وقد ركب المازني من المذهبين -مذهب يونس ومذهب سيبويه- مذهبًا ثالثا، وهو: الصرف على مذهب سيبويه والرد على مذهب يونس؛ فاختار في تصغيره "يضع" علمًا رد المحذوف وهو مذهب يونس واختار الصرف وهو مذهب سيبويه؛ فجمع بينهما؛ فتحصل له مذهب ثالث مركب من مذهبي الرجلين.
فإذا أراد المازني تصغير "يرى" علمًا لرجل قال: رأيت "يُرَئِيًا"؛ فيرد الهمزة المحذوفة؛ لأن الأصل:"يَرأيُ"، وينونه، فرد المحذوف مذهب يونس، والصرف -أي: التنوين- مذهب سيبويه، ولو أراد يونس أن يصغر هذا الاسم لقال:"رأيت يُرئِيَ" برد الهمزة فقط وعدم التنوين؛ لأن مذهبه عدم الصرف؛ ولو أراد سيبويه أن يصغر هذا الاسم لقال: رأيت "يريًّا"، بإدغام ياء التصغير في الياء المنقلبة عن الألف وبتنوينه؛ لأن مذهبه الصرف؛ فقد عرف تركب مذهب المازني من مذهبي الرجلين.
الإجماع السكوتي وإحداث قول ثالث
إن هذا العنصر شديد الاتصال بالذي قبله؛ إذ يتناول سكوت النحاة عن أمر بلغه فلم ينكروه؛ كما يتناول إحداث قول ثالث مأخوذ من قولين.
تعريف الإجماع السكوتي:
إن الإجماع السكوتي مصطلح من مصطلحات أصول الفقه، ويراد به: أن ينطق بعض المجتهدين بحكم ويسكت الباقون عنه بعد علمهم به؛ لأن سكوتهم مجرد