الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالمولد هو: المحدث من كل شيء ومنه المولدون من الشعراء، سمُّوا بذلك لحدوثهم، وقد ذكر السيوطي في بداية هذا الفرع الإجماع على أن كلام المولدين لا يكون حجة؛ فقال:"أجمعوا على أنه لا يحتج بكلام المولدين والمحدثين في اللغة والعربية" انتهى.
ولنا مع كلام السيوطي ثلاث وقفات:
الأولى: لبيان المراد بمن أجمعوا على عدم الاحتجاج بكلام المولدين والمحدثين.
والثانية: لبيان معنى عطف المحدثين على المولدين، وهل هما بمعنى واحد أم بمعنيين مختلفين؟.
والثالثة: لبيان معنى عطف العربية على اللغة، وهل هما بمعنًى واحد أم بمعنيين مختلفين؟.
أما قوله:"أجمعوا" فإن الذين أجمعوا على ذلك هم أئمة النحو والصرف واللغة، أما علماء المعاني والبيان والبديع فإنهم يستدلون بأشعار جميع أنواع الشعراء على اختلاف طبقاتهم؛ سواء أكانوا من القدماء أم من المحدثين.
وأما قوله:"لا يحتج بكلام المولدين والمحدثين" ففيه عطف المحدثين على المولدين، والعطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، وبناء على ذلك يكون المولدون غير المحدثين عند السيوطي. وقد ذكر العلامة عبد القادر البغدادي المتوفى سنة ألف وثلاث وتسعين من الهجرة أنهما بمعنًى واحد، فذكر أن شعراء الطبقة الرابعة هم المولدون وقال:"ويقال: لهم المحدثون" فطبقات الشعراء عنده أربعة طبقات.