وهو القول الذي يجري على ألسنة المعربين، وقد قال ابن مالك في ألفيته:
ارفع مضارعًا إذا يُجرَّد ... من ناصب وجازم كتسعدُ
ونلحظ أن الأنباري قد أبطل هذا الرأي اعتمادًا على أن التجرد عن الناصب والجازم معناه: أن الفعل كان متلبسًا بهما قبل الرفع؛ ولكن يمكن أن يجاب عنه: بأن المراد بتجرد المضارع عن الناصب والجازم عدمُهما؛ وعبر عن العدم بالتجرد تنزيلًا للإمكان منزلة الحضور كما قالوا عند حفر بئر:"ضيِّقْ فمَها" أي: أوجدها ضيقة الفم.
ونختم الحديث بقول أحد الباحثين المعاصرين: والحق أن استدلال الأنباري السابق يبدو عليه التكلف؛ إذ يمكن الاعتراض عليه من عدة أوجه؛ فمن الممكن أن نقول: إن التعري أسبق من التقييد؛ فالتعري أولًا؛ ولما كان الرفع هو الأول كان ملازمًا للتعري؛ كما يمكن أن يقال: إن الفعل المضارع رفع لأنه لم يدخل عليه ناصب فينصبه ولا جازم فيجزمه، دون أن نمس أسبقية الرفع للنصب والجزم، يضاف إلى ذلك أن عوامل النصب والجزم في المضارع عارضة، وعندما لا تأتي هذه العوارض فإن المضارع يأخذ الحكم الأول؛ ولما كان الرفع الأول أخذ المضارع الرفع.
الاستدلال بعدم النظير
لقد أفرد ابن جني لعدم النظير بابًا في (الخصائص) عنوانه: باب في عدم النظير، ولخصه السيوطي في (الاقتراح) وبدأه بقوله: ومنها الاستدلال بعدم النظير ... يعني: ومن أدلة النحو المتفرقة التي لا تحصر: عدم النظير: والمراد به: ألا يكون للشيء نظائر في بابه، بمعنى: أنه واحد لم يرد به سماع، ومعنى الاستدلال به: النفي لعدم وجود دليل الإثبات؛ ولذلك قال السيوطي: وإنما يكون دليلًا على النفي لا على الإثبات، ومعنى ما ذكره السيوطي: أن النظير يصحح الحكم