(الدليل الرابع من أدلة الاحتجاج الغالبة عند النحاة: الاستصحاب)
حجية الاستصحاب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالاستصحاب في اللغة: مصدر الفعل استصحب، أي: طلب الصحبة ودعا إليها؛ فالاستصحاب استفعال من الصحبة، يقال: استصحبت الكتاب، أي: حملته بصحبتي.
وقبل تعريف الاستصحاب في اصطلاح النحويين لا بد من الإشارة إلى أن هذا المصطلح مصطلح فقهي في الأصل، وله عند الأصوليين تعريفات مختلفة:
منها: بقاء الأمر ما لم يوجد ما يغيره.
ومنها: استدامة ما كان ثابتًا ونفي ما كان منفيًّا.
ومنها: الحكم على الشيء بما كان ثابتًا له أو منفيًّا عنه لعدم قيام الدليل على تغييره.
وهذه التعريفات مختلفة في ألفاظها لكن معانيها متقاربة؛ إذ ترجع إلى معنى واحد وهو: إبقاء ما كان على ما كان.
وقد انتقل هذا المصطلح من أصول الفقه إلى أصول النحو على يد أبي البركات الأنباري الذي جعل الاستصحاب أحد أصول النحو الغالبة؛ فقال في (لمع الأدلة): أقسام أدلته -يعني: النحو-: ثلاثة: نقل، وقياس، واستصحاب حال، وعرف الاستصحاب في (الإغراب في جدل الإعراب): بأنه إبقاء حال اللفظ على ما يستحقه في الأصل عند عدم دليل النقل عن الأصل. انتهى.
ولا يختلف تعريف الاستصحاب عند الأصوليين عن تعريفه عند النحويين؛ فالمعنى واحد، وهو: إبقاء الحكم على ما كان عليه؛ فلا يلحقه تغيير إلا إذا قام الدليل على تغيير الحكم.