الحمد لله والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
النصف الأول من الباب الخامس من أبواب كتاب (الاقتراح)، والذي عقده السيوطي للحديث عن: أدلة متفرقة من أدلة النحو غير الغالبة:
نشير إلى أن السيوطي قد وضع لهذا الباب عنوانًا وهو: في أدلة شتى.
والأدلة: جمع دليل وهو ما يستدل به.
وقوله:"شتى" أي: متفرقة، ليس لها ضابط خاص؛ فهي تجمع في هذا الباب.
وقد افتتح السيوطي الباب بقول الأنباري في (لمع الأدلة): "اعلم أن أنواع الاستدلال كثيرة لا تنحصر ... " انتهى.
ومعنى قوله:"لا تنحصر": أنها كثيرة جدًّا، تخرج عن حد الحصر؛ لأن مدارها على حدة الفكر، وقوة الذكاء، وحسن الاستنباط.
وقد ذكر السيوطي في هذا الباب ثمانية أدلة نتناول في هذا الدرس أربعة منها، ونبدأ الحديث عن الاستدلال بالعكس:
إن الاستدلال بالعكس دليل من أدلة الأصوليين ويعبرون عنه بقياس العكس، ويعرفونه بأنه: عدم الحكم عند عدم العلة، وقد جعله السيوطي أول الأدلة غير الغالبة؛ فقال: ومنها: الاستدلال بالعكس، أي: جعل عكس الحكم دليلًا، وبهذا الدليل رُدَّ على الكوفيين زعمهم أن الخبر إذا كان ظرفًا كان منصوبًا بالخلاف.
ومعنى كلام الكوفيين: أنه إذا قيل: زيدٌ أمامَك وعمرٌو وراءَك؛ فالظرفان "أمامك" و"وراءك" منصوبان بالخلاف، وحجتهم في ذلك: أن خبر المبتدأ هو