للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أول الشعراء الُمْحَدثين

إن العلماء قد أجمعوا على جواز الاحتجاج بقول من يُوثق بفصاحته وسلامة عربيته، وقد قصروا الاحتجاج من حيث الزمان على أقوال عرب الجاهلية، وفصحاء الإسلام حتى منتصف القرن الثاني الهجري، ولم يقبلوا الاحتجاج بشعر من جاء بعد هذا التاريخ، ويجدر بنا أن ننقل كلام السيوطي كاملًا إذ قال -رحمه الله-: "أول الشعراء المحدثين بشار بن برد، وقد احتج سيبويه في كتابه ببعض شعره تقربًا إليه؛ لأنه كان هجاه لترك الاحتجاج بشعره" ذكره المرزباني وغيره، ونقل ثعلب عن الأصمعي قال: "خُتم الشعر بإبراهيم بن هرمة، وهو آخر الحجج" انتهى كلام السيوطي.

وقد اشتمل هذا الكلام على ثلاثة أمور، وهي: أن أول الشعراء المحدثين هو بشار بن برد، وأن سيبويه قد احتج بشعره تقربًا إليه، وأن آخر الحجج هو إبراهيم بن هرمة، أي: آخر من يحتج بشعره، وبشار بن برد أصله من طخارستان من سبي المهلب بن أبي سفرة، وكنيته أبو معاذ، وهو عقيلي بالولاء نسبة إلى قبيلة عقيل بن كعب، وهو في أول مرتبة المحدثين من الشعراء المجيدين، وأحد مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وقد تُوفي سنة سبع وستين ومائة من الهجرة، ولا يجوز الاحتجاج بشعر بشار بن برد؛ لأنه من الشعراء المحدثين.

وقد ذكر السيوطي أن سيبويه احتج في كتابه بشعر بشار تقربًا إليه وخوفًا من لسانه، وزعم أن هذا قول المرزباني، والحق أن المرزباني في كتابه (الموشح) قد ذكر قصة هجاء بشار لسيبويه، ولم يُشر إلى أن سيبويه احتج بشيء من شعر بشار. أما الذي كان يحتج بشعر بشار في كتبه فهو أبو الحسن الأخفش، ذكر أبو

<<  <   >  >>