قال السيوطي: إذا تعارض مجمع عليه ومختلف فيه؛ فالأول أولى، وذكر مثالًا لذلك: وهو أنه إذا كان الشاعر مضطرًّا إلى قصر الممدود أو مد المقصور؛ فارتكاب الأول أولى؛ لأن البصريين والكوفيين جميعًا قد أجمعوا على جواز قصر الممدود في الشعر، ومنه قول الشاعر:
لا بد من صنعا وإن طال السفر ... .............................
والأصل: صنعاء.
أما مد المقصور للضرورة؛ فموضع خلاف بين النحويين؛ إذ أجازه الكوفيين متمسكين بقول الشاعر:
سيغنيني الذي أغناك عني ... فلا فقر يدوم ولا غناء
بمد غناء، والأصل عند الكوفيين: غنًى، بالقصر؛ فلما اضطر الشاعر مد، وذهب البصريون إلى أن "غناء" في البيت مصدر لغانيت؛ لأنهم يمنعون مد المقصور ولو في ضرورة الشعر؛ فتعارض قولان: أحدهما مجمع عليه، والآخر مختلف فيه؛ فكان المجمع عليه أولى من المختلف فيه.
إن المراد بالمقتضي: ما يقتضي الحكم، أي: سبب الحكم، والمراد بالمانع: ما يمنع الحكم؛ فهما نقيضان؛ فإذا تعارض المانع والمقتضي كان المانع مقدمًا على المقتضي.
والأمثلة التي يقدم فيها المانع على المقتضي كثيرة منها:
المثال الأول:"هذا راشد وذاك غادر"؛ فـ"راشد" اتصلت بألفه راء مفتوحة، و"غادر" اتصلت بألفه راء مضمومة؛ فوجد فيهما سبب إمالة الألف: وهو وقوع