منها: أنه لا يكاد يعرف -وهو قول سيبويه كما سبقت الإشارة إليه.
ومنها: أن "بشر" خبر و"مثلَهم" مبتدأ؛ ولكنه بني على الفتح لإبهامه مع إضافته إلى المبني؛ فهو نظير قوله تعالى:{إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُون}(الذاريات: ٢٣).
ومنها: أن يكون الأصل: "ما في الوجود بشرٌ مثلُهم"؛ فـ"مثلَهم" في الأصل نعت لـ"بشرٌ" و"بشرٌ" مبتدأ، والخبر محذوف وهو الجار والمجرور، ثم قدم النعت على المنعوت ونعت النكرة إذا تقدم عليها انتصب على الحال فـ"مثلَهم" حال.
وخلاصة ما سبق: أن ما ذكره ابن مالك ليس فيه دليل على إجماع العرب.
تركيبُ المذاهب
إن الحديث عن تركيب المذاهب أثر من آثار الدراسات الفقهية التي اقتبسها النحاة وأدخلوها في علم النحو، وتركيب المذاهب يشبه في أصول الفقه إحداث قول ثالث في مسألة فيها قولان، والمراد بتركيب المذاهب هنا: أن يعمد النحوي إلى الجمع بين مذهبين ليخرج مذهبًا ثالثًا.
وقد عقد له ابن جني بابًا في (الخصائص) وشبهه بتداخل اللغات.
ومن أمثلة تركيب المذاهب ما صنعه المازني في تصغير "يضع" إذا جعل علمًا لرجل؛ فمذهب يونس رد الحرف المحذوف؛ لأن الأصل فيه "يوضِع" على وزن "يفعل"؛ فحذفت الفاء لما وقعت بين عدوتيها الياء والكسرة؛ وفتحت العين لأن اللام حرف حلقي؛ فإذا أريد تصغير "يضع" علمًا؛ فإن يونس يرد الحرف المحذوف؛ إذ التصغير يرد الأشياء إلى أصولها؛ فيقول:"يويْضع"، ومذهب سيبويه عدم رد الحرف المحذوف؛ لأن الاسم استوفى ثلاثة أحرف؛ فينظر إليه سيبويه على أنه اسم ثلاثي فيقول في تصغيره:"يُضيْع".