للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال أحد الباحثين المعاصرين: "المتصفح لكتاب سيبويه يلاحظ أن معظم شواهد الشعر فيه كانت معروفة لدى شيوخ سيبويه، وبخاصة الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب، ويبدو أن تلك الشواهد كانت متداولة في مجالس العلم حيث ذاك، والظاهر أن سيبويه كان لا يترك شاهدًا سمعه من شاعر، أو من راوٍ، أو من عالم، أو من طالب علم دون أن يعرض ذلك الشاهد على من يثق به من العلماء، وبخاصة شيخاه الخليل ويونس، فعدد كبير من الشواهد التي لا ينصّ سيبويه صراحة على سماعه لها من العرب، أو من أحد العلماء نجده يعرضها من خلال رأي لأحد العلماء بصورة تدل دلالة قاطعة على أن هذا العالم، أو ذاك كان على معرفة بتلك الشواهد ورواياتها، وما يدور حولها من مشكلات لغوية".

هل يُقبل قولُ القائل: "حدثني الثقة"؟

إن اللغة تؤخذ سماعًا من الرواة الثقات ذوي الصدق والأمانة، والأصل في الكلام أن يكون معزوًّا إلى قائله منسوبًا إليه باسمه، وقد يُعدل عن هذا الأصل فيقول النحوي أو اللغوي: حدثني ثقة. ولا يذكر اسمه.

وقد اختلف في حكمه؛ فقيل: يقبل قوله، وقيل: لا يقبل، وقد وقع هذا القول كثيرًا من سيبويه في كتابه، فكان يقول: حدثني ثقة. يريد به شيخه الخليل وغيره.

وقد ذكر السيوطي في كتابه (المزهر) نماذج مما قال فيه النحوي: حدثني ثقة؛ منها قول أبي زيد: "كل ما قال سيبويه في كتابه حدثني ثقة فأنا أخبرته"، ومنها قول أبي زيد أيضًا: "كان سيبويه يأتي مجلسي فإذا سمعته يقول: وحدثني من أثق بعربيته، فإنما يريدني"، ومنها أيضًا ما رواه ثعلب في أماليه قال: "كان يونس يقول: حدثني الثقة عن العرب، فقيل له: من الثقة؟ قال: أبو زيد، قيل: فلم لا تسميه؟ قال: هو حي بعدُ فأنا لا أسميه" انتهى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <   >  >>