النحوي وأن عدمه ينفيه، وقد أكثر النحويون من الاحتكام إلى النظائر، وتعددت أقوالهم الدالة على قبولهم ما له نظير وردهم ما ليس له نظير.
ومن أقوالهم الدالة على ذلك قولهم: الحمل على ما له نظير أولى من الحمل على ما لا نظير له، وقولهم: ما لا نظير له في العربية ولا يشهد له شاهد من العلل النحوية يكون فاسدًا، وقولهم: الحمل على ما له نظير -وإن قل وخرج عن القياس- أولى من قول لا نظير له، وقولهم: إذا أدى القول إلى ما لا نظير له وجب رفضه واقتراح الذهاب إليه.
ومع كثرة أقوال النحويين في هذا الشأن فإنه لا يشترط إيجاد النظير في إثبات شيء إذا قام الدليل معه؛ وإنما يجب إيجاد النظير إذا لم يقم الدليل، وإلى هذا الأمر أشار ابن جني بقوله في (الخصائص): "أما إذا دل الدليل فإنه لا يجب إيجاد النظير، وذلك مذهب صاحب (الكتاب)؛ فإنه حكى فيما جاء على فعِل "إِبِلًا" وحدها، ولم يمنع الحكم بها عنده أن لم يكن لها نظير؛ لأن إيجاد النظير بعد قيام الدليل إنما هو للأنس به لا للحاجة إليه" انتهى.
ومعنى ما ذكره ابن جني: أن سيبويه -رحمه الله- لم يذكر مما جاء على وزن فعِلٍ -بكسر الفاء والعين- إلا كلمة واحدة وهي:"إبِلٌ"، وقال في (الكتاب): "لا نعلم في الأسماء والصفات غيره" انتهى.
ولم يمنع سيبويه هذا الوزن مع أنه لا يعلم له نظيرًا؛ لأنه قد قام الدليل من السماع الصحيح على وجوده، وإذا قام الدليل على إثبات شيء لم يكن هنا حاجة إلى إيجاد نظيره ولا عبرة بعدمه، وإذا وُجِد فإنه يكون مؤنسًا ولا يتوقف ثبوت الحكم عليه، وقد قال ابن جني في (الخصائص): "إذا قام الدليل لم يلزم النظير" انتهى.