للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها: خالص دقيق الحنطة إذا عجن وملئ بالسكر واللوز وماء الورد وجمع وخبز، وهي كلمة غير عربية -كما سبق أن بينا- غير أنها سبقت بفعل فأعربت فاعلًا؛ فصار هذا الكلام عربيًّا منسوبًا إلى لغة العرب، وإن لم تنطق العرب به ولا فاهوا بهذه اللفظة؛ وإنما صار هذا الكلام عربيًّا لأنه قيس على كلام العرب وداخله الإعراب.

ومنها: إجراء الكلمات الأعجمية مجرى العربية، فإن العرب قد أجرت الكلمات الأعجمية جرى كلامها العربي في الصرف والمنع من الصرف، وبيان ذلك ذكره ابن جني بقوله: "ما أعرب من أجناس الأعجمية قد أجرته العرب مجرى أصول كلامها؛ ألا تراهم يصرفون في العلم نحو: آجر، وإبريسم، وفرند، وفيروزج، وجميع ما تدخله لام التعريف، وذلك أنه لما دخلته اللام في نحو: الديباج، والفرند، والسهريز -وهو ضرب من التمر- والآجر، أشبه أصول كلام العرب -أعني: النكرات- فجرى في الصرف ومنعه مجراها". انتهى.

ومعنى ما ذكره ابن جني: أن العرب قد عاملت الأسماء الأعجمية معاملة الأسماء العربية في الصرف والمنع منه؛ فإذا كانت الكلمة الأعجمية علمًا تدخله اللام صرفته؛ لأنه يشبه النكرة.

ومنها: الاشتقاق من الأعجمي، فإن العرب قد اشتقت من بعض الكلمات الأعجمية، ومن ذلك: ما حكاه أبو علي عن ابن الأعرابي أنه قال: يقال درهمة الخُبَّازة أي: صارت كالدراهم؛ فاشتق من الدرهم -وهو اسم أعجمي.

وحكى أبو زيد: رجل مدرهم، أي: كثير الدراهم.

ومما اشتقته العرب من كلام العجم أيضًا: ما جاء في قول الراجز:

هل تعرف الدار لأم الخزرج ... منها فظلت اليوم كالمزرج

<<  <   >  >>