للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن جني لم يشترط ما اشترطه المحققون الذين يجيزون نحو: مررت بزيد وعمرًا؛ لكنهم يعربون ما بعد الواو مفعولًا به لفعل محذوف تقديره: وجزت عمرًا، مثلًا، وقد أعاد ابن جني حديث: مررت بزيد، ونحوه، في باب التقديرين المختلفين لمعنيين مختلفين في (الخصائص) وعقب عليه بقوله: فإنه مما يقبله القياس ولا يدفعه. انتهى.

وأورد السيوطي مثالًا آخر نقلًا عن (الخصائص) أيضًا فقال: وقال -أي: ابن جني- في موضع آخر: باب في أن سبب الحكم قد يكون سببًا لضده على وجه، هذا باب ظاهره التدافع -أي: التعارض- وهو -مع استغرابه- صحيح واقع؛ وذلك نحو قولهم: القود -أي: القصاص- والحوكة -والحوكة جمع حائك، من حاك الثوب يحوكه حوكًا وحياكًا وحياكة: أي نسجه.

قال السيوطي ملخِّصًا ما قال ابن جني في تصحيح الواو الواقعة عينًا لكلمة القود والحوكة ونظائرهما: فإن القاعدة في مثله الإعلال بقلب الواو ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ لكنهم شبهوا حركة العين التابعة لها بحرف اللين -أي: بحرف الألف- التابع لها؛ فكأن فَعلًَا فَعالٌ؛ فكما صح نحو: جواب وهيام؛ صح باب القود والغيب ونحوه. انتهى.

يعني السيوطي: أن القاعدة الصرفية تقضي بقلب الواو والياء ألفين إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما؛ ولكن الكلمات التي جاءت عن العرب بتصحيح العين مما يخالف بظاهره هذه القاعدة؛ كالقود، والحوكة، والغيب، وهو جمع غائب، وكلها على وزن فعَل؛ فقد شبهوا الفتحة التي هي حركة العين في هذه الكلمات بحرف الألف؛ فعوملت معاملة ما كان وزنه فعالًا؛ كجواب، وهيام.

ومن شروط قلب الواو والياء ألفين إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما: أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين؛ ولذلك صحت العين في نحو: بيان، وطويل، وغيور؛

<<  <   >  >>