أي: ضعف أو قبح، والحكم بخلاف الأولى مثل حكم النحويين بذلك على تقديم الفاعل في نحو: ضرب غلامه زيدًا، أي: ضرب غلام زيد سيده زيدًا؛ فالضمير متصل بفاعل مقدم وعائد على مفعول مؤخر، وقد أجاز هذه الصورة الأخفش وابن جني، ومن الكوفيين أبو عبد الله الطوال مستدلِّين بنحو قول حسان -رضي الله عنه- يرثي مطعم بن عدي:
ولو أن مجدًا أخلد الدهر واحدًا ... من الناس أبقى مجده الدهر مطعما
قوله:"الدهر" منصوب على الظرفية الزمانية في شطري البيت. والشاهد قوله:"أبقى مجده الدهر مطعما" حيث عاد الضمير من الفاعل المتقدّم على المفعول المؤخر. ويرى بعض العلماء ومنهم السيوطي أن ذلك ونحوه خلاف الأولى، وكأن الذي سوَّغ ذلك من وجهة نظر المجيزين تقدُّم ذكر المفعول، وكأن الشاعر قال: أبقى مجد هذا المذكور المتقدم ذكره مطعمًا. فوضع الظاهر موضع المضمر، كما لو قلت: إن زيدًا ضربت جاريته زيدًا، أي: ضربت جاريته إياه، ولا بأس بمثل هذا -كما قال عبد القادر البغدادي- ولا سيما إذا قصدت التعظيم والتفخيم لذكر الممدوح، والجمهور يُقصرون جواز ذلك على الضرورة، ويُوجبون فيه في النثر تقديم المفعول كقوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}(البقرة: ١٢٤) والجائز على السواء كحذف المبتدأ أو الخبر، وإثباته؛ حيث لا مانع من الحذف ولا مقتضي له، وأمثلة ذلك لا تخفى عليك، وقد اجتمعت الأقسام الستة في عمل الصفة المشبهة لاسم الفاعل، وهي كما عرَّفها ابن الناظم: "الصفة المصوغة لغير تفضيل لإفادة نسبة الحدث إلى موصوفها، دون إفادة الحدوث: وأشار الناظم إليها بقوله: